-
.
.
.
بعد كل هذه السنوات.. ما زلتُ أشمُّ عبقَ تلك الليالي كأنها بالأمس. كأن الزمن بخيانته المعتادة قد توقف عند اللحظة التي التقيتْ فيها أيدينا لأول مرة. تلك اللمسة التي حوّلتني إلى إنسان آخر.
أحاول أن أخدع نفسي كل صباح.. أقول: ”اليوم سأنسى“. لكن الذاكرة تخونني حين أغمض عيناي، فتعود بي آلاف التفاصيل الصغيرة: صوت ضحكتكِ حين تتعثرين بالكلمات، طريقة لفّ شعركِ حول أصابعكِ عندما تكونينَ قلقة، رائحة قهوتكِ الباردة التي كنتِ تتركينها دائمًا دون أن تنهيها.
اكتشفتُ مؤخرًا حقيقةً قاسية: أن بعض الأشخاص لا يُنسَون، لأنهم لم يكونو مجرد عابرين في حياتنا.. بل أصبحوا أجزاءً من أرواحنا. مثل الهواء الذي نتنفسه، لا نراه لكننا نموت بدونه.
الغريب أن الزمن - هذا الساحر المخادع - يستطيع أن يشفي جراحنا، يمحو آلامنا، يغير ملامحنا.. لكنه يعجز تمامًا عن مسح بصمةِ قلبٍ أحببناه حقًا.
.
.
.